الشمس
يتصدر التعرض المفرط لأشعة الشمس قائمة العوامل المسببة لمشاكل الجلد في المراحل العمرية المختلفة، وتؤكد الدراسات والأبحاث وجود علاقة مباشرة بين التعرض للأشعة فوق البنفسجية وحصول تغييرات في سماكة وتركيبة البشرة، ما يساهم في إتلاف طبقة (الكولاجين)، ويؤدي إلى ارتخاء العضلات الدقيقة بالجلد وضمورها، وهو ما تتبعه شيخوخة البشرة المبكرة، وظهور التجاعيد في الأماكن المعرضة للشمس، كما يسهم تكرار التعرض للشمس، دون إتباع طرق الحماية الطبية، إلى ظهور وتطور عدة أنواع من سرطانات الجلد القاتلة، ويعتبر ظهور التصبغات في الجلد كالنمش (وهي بقع بنية صغيرة حول الفم والأنف والخد) من أول تأثيرات التعرض المفرط لأشعة الشمس فوق البنفسجية، وتتبع ذلك تغييرات في ألوان الوجه على الجانبين.
أثار فورية ومتأخرة
وللاطلاع على مضار التعرض للشمس وأساليب حماية البشرة من تأثيرات الأشعة فوق البنفسجية السلبية، والتعرف على كيفية تجنب أي آثار غير مرغوبة، سواء على المدى القصير أو البعيد، التقت «العرب» الدكتور الاختصاصي في أمراض الجلد طارق الشواف.
ويعتبر المختص أن توفير الحماية اللازمة من أشعة الشمس من أساسيات العناية بالجلد والحفاظ على الصحة بشكل عام، ويؤكد د. الشواف على دور الاستخدام اليومي والصحيح لواقيات الشمس، في تأخير شيخوخة البشرة، وتقليل احتمال ظهور أو تفاقم بعض الأمراض الجلدية الناجمة عن التعرض للشمس، وأخطرها سرطان الجلد بأنواعه المختلفة، معتبرا الشمس المسبب الأول لتكون التجاعيد، والتصبغات الجلدية، وترقق البشرة، وتلف الأوعية الدموية، والجفاف، وتغيرات الأنسجة الداخلية، ويحدث ضرر الشمس على الجلد بشكل تراكمي، فكل دقيقة تمضيها البشرة مكشوفة تحت الشمس تسبب آثارا لاحقة، حيث يؤدي تعرض الأطفال المفرط للشمس إلى تلف طبقة الكولاجين وشيخوخة الجلد «الشيخوخة الشمسية»، والدليل ما يلاحظ من تجعد البشرة المبكر لدى أطفال الفلاحين والبدو.
ويصنف الاختصاصي الشواف آثار التعرض العشوائي لأشعة الشمس إلى آثار فورية وأخرى متأخرة، ومن الآثار الفورية احمرار الجلد، والحكة، والتسبب في حروق شمسية طفيفة، أو حروق من الدرجة الثانية مترافقة مع تشكل فقاعات في بعض الأحيان، وقد ينجم عن تعريض الجلد لحروق شديدة ومتكررة أخطار كبيرة كسرطان الجلد، ويتابع الدكتور الشواف شارحا: «إن تأثير الأشعة فوق البنفسجية على الحمض النووي DNA يؤدي إلى حدوث طفرات بالخلايا تنتج عنها أنواع السرطان المختلفة، كما تؤثر الأشعة على جهاز المناعة وتضعفه ليصبح غير قادر على مواجهة هذه الطفرات».
أنواع الكريمات الشمسية
تنتج الشمس أشعة مرئية وأشعة غير مرئية، وتعرف الأشعة غير المرئية بالأشعة فوق البنفسجية، وتصنف إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
– الإشعاعات فوق البنفسجية نوع أ (ذات الطاقة القليلة نسبيا UVA).
– الإشعاعات فوق البنفسجية نوع ب (وتحمل طاقة متوسطة UVB).
– الإشعاعات فوق البنفسجية نوع س (ذات الطاقة المرتفعة UVC).
ويستطيع النوعان (A,B) اختراق الغلاف الجوي وطبقة الأوزون وصولا إلى سطح الأرض، حسب اختصاصي الجلد طارق الشواف، بينما يتم حجب الإشعاع (C) ذو التأثير المسرطن على جلد الإنسان، بواسطة طبقة الأوزون في معظم بقاع الأرض، باستثناء المناطق الواقعة تحت ثقب الأوزون، وهي أستراليا، وشمال إنجلترا، حيث يلاحظ ارتفاع معدلات الإصابة بسرطانات الجلد.
وينصح د. طارق الشواف باستخدام منتجات الحماية من الشمس التي تقي من الأشعة فوق البنفسجية بنوعيها UVA,UVB، فليس كل كريم يحمي من الأشعة (UVB) قادر على فلترة (UVA)، لكن العكس صحيح، فكل واق شمسي قادر على فلترة الأشعة فوق البنفسجية (UVA) يكون بالتأكيد قادرا على الحماية من الأشعة (UVB)، معتبرا أن أفضل أنواع منتجات الحماية من الشمس هي تلك التي تحتوي على (zinc oxide)، أو (octocyclene)، اللذين يعملان على حجب أشعة الشمس فوق البنفسجية عن الجلد.
ويفضل اختصاصي الجلد تجنب التعرض لأشعة الشمس من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة الرابعة مساء، «في هذا الوقت يكون الإشعاع الشمسي مكونا من نسبة عالية من الأشعة فوق البنفسجية نوع (ب UVB) المسبب الرئيسي لحروق الشمس»، ولضمان أقصى درجات الحماية يجب الحرص على تغطية كامل الجسم (الذراعان والساقان)، واستعمال غطاء الرأس، والنظارات الشمسية التي تحجب الأشعة الضارة عن العين والمنطقة الحساسة المحيطة بها، إلى جانب استمرار استخدام المستحضر الواقي من أشعة الشمس حتى في الأيام الغائمة وفي الظل.
كما يجب التأكد من وضع كريم الحماية من الشمس قبل نصف ساعة من الخروج من المنزل، لضمان وصول المكونات الواقية إلى الخلايا وبدء عملية الحماية، ولا بد من تكرار وضع الكريم الشمسي كل ساعتين، حسب د. الشواف.
كما يشير اختصاصي الجلد إلى إمكانية تحسس البعض من كريمات الحماية من الشمس بالقول: «لكن ولسوء الحظ يسبب استخدام واقي الشمس حساسية وتهيجا في الجلد لبعض الأشخاص، ويصاب آخرون بالتهابات جلدية في أماكن استخدام واقي الشمس، وذلك نتيجة حساسية الجلد لأحد مكونات المنتج كالعطر، أو المواد الحافظة، أو أحد المواد الكيميائية الواقية من الشمس».
اختيار درجة الحماية المناسب
وتعتقد ميساء حسين أن لون بشرتها القاتمة يحميها من مخاطر التعرض للشمس، « لا أستعمل الكريمات الشمسية على الإطلاق، فبشرتي لا تتأثر بالشمس، ولا يتغير لونها، كما لم أصب سابقا بحروق شمسية أو حساسية مهما طالت فترة تعرضي للشمس «، لكن على أصحاب البشرة السمراء استعمال الكريمات الشمسية بدرجة حماية أقل من أصحاب البشرات البيضاء، حسب الدكتور الشواف الذي يؤكد أن درجة الحماية الطبيعية من أخطار الأشعة فوق البنفسجية تزداد كلما ارتفعت نسبة الصبغة (الميلانين) في الجلد التي تعتبر خط الدفاع الأول لحماية الجسم من أشعة الشمس الضارة (الحماية الطبيعية)، ويختلف نوع ولون الجلد من فرد إلى آخر، ومن جنس إلى آخر، تبعا لكمية صبغه الميلانين في الجلد، حيث من الممكن تصنيف ألوان البشرة من 1 حتى 6 لاختيار درجة الواقي الشمسي المناسب، و تأخذ البشرة البيضاء الرقم 1، 2، وينصح د. الشواف أصحاب البشرة الفاتحة باستعمال الواقي الشمسي بدرجة حماية 100 بكمية وفيرة، ودرجة الحماية 50 للبشرة الأكثر سمرة 3 وبكمية سخية، بينما تحتاج البشرة السمراء 5-6 إلى كريم واق للشمس بدرجة بين 15-30، وذلك لأن البشرة السمراء تتمتع بحماية طبيعية من الشمس.
أما بالنسبة لاختيار نوع (سماكة) الكريمات الشمسية المناسبة فيقول د. طارق الشواف: «تعتبر الكريمات السميكة الخيار الأفضل لأصحاب البشرة الجافة ولمن يمضي فترات طويلة في الشمس، والكريم السائل «اللوشن» لذوي البشرة الدهنية، بينما يساعد الهلام الخالي من الزيت في تعزيز الحماية دون إعاقة عمل المسامات لأصحاب البشرة المعرضة لحبوب الشباب».
الصدمة الشمسية
ويتطرق خالد المهدي إلى مخاطر أخرى مرتبطة بالتعرض المفرط لأشعة الشمس كضربة الشمس التي تسببت بنقل أحد أبنائه إلى المستشفى في الصيف الفائت، نتيجة تعرضه للشمس فترة طويلة وعدم تعويض السوائل المفقودة نتيجة الحرارة المرتفعة، ويبين الدكتور الاختصاصي أن ضربة الشمس هي ما يعرف طبيا بالصدمة الشمسية Sin Stroke والتي تحدث عندما يتعرض الإنسان لأشعة الشمس المباشرة في وقت الظهيرة لفترة طويلة في يوم شديد الحرارة، مع عدم توافر كميات كافية من السوائل في الجسم.، وينصح د. الشواف بتناول كثير من السوائل في فصل الصيف لا تقل عن 3 لترات يوميا، وتفادي الشمس المباشرة في وقت الظهيرة لتفادي الإصابة بالصدمة الشمسية.
ضرورية رغم مخاطرها
وتتساءل سهى الجابر عن خطورة عدم التعرض للشمس دون حماية لفترات محددة، فعلى الرغم من مخاطر التعرض للشمس ازداد مؤخرا الحديث عن مساوئ عدم التعرض لأشعة الشمس، وما ينتج عنه من أضرار على صحة الصغار والكبار بسبب أهميته في تشكيل الفيتامين د وبناء العظام، وينوه الاختصاصي الشواف إلى أهمية التعرض المعتدل لأشعة الشمس في الصباح الباكر، وفي ساعات غروب الشمس، وذلك لضمان تشكل الكميات اللازمة من الفيتامين (د) المسؤول عن قوة وسلامة العظام، «يؤدي نقص فيتامين (د) إلى الإصابة بمرض الكساح لدى الأطفال، وإلى وهن وهشاشة عظام البالغين، كما يقلل فيتامين (د) من نسبة الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان الثدي، والقولون، والبروستاتا».
وتختلف كمية فيتامين (د) التي تنتج من أشعة الشمس من شخص لآخر، حسب د. الشواف، ولكن بصفة عامة ينتج الأشخاص ذوو البشرة الفاتحة كمية أكبر من فيتامين (د) عند التعرض لأشعة الشمس، فلإنتاج كمية كافية من الفيتامين (د) لثلاثة أيام يجب التعرض لمدة 15 دقيقة لأشعة الشمس على الوجه والذراعين والساقين بدون استخدام واقي الشمس.
ويستطرد اختصاصي الجلد بالقول: «بصفة عامة يعتبر التعرض لأشعة الشمس لمدة 10-15 دقيقة عدة مرات أسبوعيا آمنا ولا يسبب أضرارا للجلد، وكافيا لتوفير كميات صحية من فيتامين «د» لأجسامنا».
كما تمتد فوائد أشعة الشمس لتشمل الصحة النفسية، وتحسين نوعية حياة الإنسان، فتساعد على الاسترخاء والراحة، وتمنع الإصابة بالاكتئاب النفسي والفصام، عن طريق إفراز مادة الأندروفين المهدئة.